سطوة العاطفة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
وانا اتصفح اليوم بعض الأوراق سقطت بيدي رسالة للدكتور عبد الكريم بكار تتحدث عن سطوة العاطفة
فأحببت أن انقلها لكم لتعم الفائدة بإذن الله تعالى…
يقول فيها ؛؛؛؛
ما عرفت صاحبنا إلا رجلاً هادئاً متزناً ولطالماً سمعته وهو يتحدث عن الموضوعية
في النظرة إلى الأمور ، وعن ضرورة الإنصاف والعدل مع الناس حتى الخصوم …
وذات يوم جاء ابنه المراهق مسرعاً ، وأسر إليه بكلمات قليلة ، ومضى ، فإذا بالرجل ينتفض ، ويتلفظ بكلمات تفتقر إلى التهذيب ، وإلى ما هو أكثر من ذلك ! وقد تبين أن ابنه أخبره بأن ابن جيرانه قد ضرب أخاه الصغير حتى أدماه ، وحين التقى بابنه وبجاره وسمع الحكاية تبين له أن ابنه هو الذي بدأ بالضرب والشتم ، فما كان منه إلا أن اعتذر لجاره، وأبدى أسفه على تعجله في إصدار الحكم …
حالة صاحبي هذه ليست شاذة ، فنحن في حالة الهدوء ننظِّر للسلوك
الصحيح ، لكن حين نُستفز ، ونغضب ، فإن عواطفنا تلقي على أعيننا
وعقولنا ما يشبه الغشاوة ، فتضعف رقابة العقل على تحركاتنا فنسلك
مسالك الجاهلين !.
إن نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقدِّ م لنا النموذج الأرفع في التماسك
والتوازن في كل أحواله ، فهو إذا مزح وغشيه السرور لم يقل إلا حقاً ،
وإذا غضب لا يغضب إلا لله ، إنه يغضب حين تنتهك حرمة من حرمات
الله ، ولا يغضب انتصاراً لنفسه أو تعبيراً عن الانزعاج من أذى لحق به !! .
وقد علمنا ربنا ما ينبغي علينا القيام به حين نسمع ما يثيرنا ، ويدفعنا في
طريق الانتقام ، فقال ـ سبحانه ـ : (( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم
فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم
نادمين )) .
التبين يعني أن نتأكد من صحة ما سمعناه ، ولو كان الراوي ثقة ، فقد
يكون واهماً في تفسير ما سمعه ، وقد يكون ناقلاً عن شخص غير
موثوق .. التثبت يمنحنا فرصة لتأخير رد فعلنا على ما نعتقد أنه يسيء
إلينا، وحين نتريث في رد الفعل ، فإن سورة الغضب تكون قد انكسرت
، وهذا يجعل أحكامنا وتصرفاتنا عادلة ومنصفة ومتوازنة .
لو تأملنا في واقع الحياة اليومي لوجدنا أن الذي يسيِّر معظم الناس في
معظم الأحيان هو مشاعرهم ، وليس عقولهم ، وفي هذا خروج على المنهج
الرباني الأقوم وخروج على أدبيات التصرف المنطقي المقبول ، والأمل
أن ينحسر ذلك مع تقدم الوعي وانتشار العلم .
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله
تقبلو تحياتي