ماذا تعرف عن القياس النفسي لذوي الاحتياجات الخاصة
يعتمد الأخصائي النفسي الذي يعمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة على تطبيق الاختبارات النفسية في تشخيص بعض
معاناة الفئات الخاصة ، ولما كان الاختبار هو أداة قياس يتم أعدادها وفق طريقة منظمة من عدة خطوات تتضمن مجموعة
إجراءات تخضع لشروط وقواعد محددة بغية تحديد درجة امتلاك الفرد سمة أو قدرة معينة من خلال إجابة الفرد على
عينة محددة من المثيـرات التي تمثل السمة أو الصفة أو القدرة المرغوب قياسها .
واجبات الأخصائي النفسي ومسؤولياته في تقديم الاختبار لذوي الفئات الخاصة :
1- التدريب على كيفية تطبيق الاختبار:
هناك اختبارات يسهل تطبيقها فلا تحتاج إلى تدريــب خاص للأخصائي النفسي ، والقسم الآخر يحتاج إلى
تدريب وممارسة قد تمتد عدة شهور ، وعلى الأغلب الاختبارات الفردية تحتاج إلى تدريب أطول ، وقد يصل في
بعض الجامعات إلى منح شهادة تدريبية في تطبيق تلك الاختبارات كما أن بعض الجهات المسؤولة عن طبع الاختبار
وتوزيعه ، تضع شرطاً أن تتوافر فيمن يشتري الاختبارات شروط ومؤهلات فد تصل إلى أن من يحق له اقتنائها ينبغي أن
يكون حاصلاً على شهادة الدكتوراه في علم النفس أو الطب النفسي أو لديه مؤهل عالي .. على العكس في بلادنا العربية
نرى أن الاختبارات تباع دون رقيب لذا يتطلب من الأخصائي النفسي أن يتأكد أن الاختبار الذي يريد تطبيقه له من
المصداقية والموضوعية لكي لا يكون الاختبار أداة غير دقيقة في تشخيص الظواهر النفسية ، ويتأكد أن الاختبار الذي
يستخدمه اختبار دقيق وتتوافر فيه الخصائص السايكومترية ( الصدق والثبات) .
2- المحافظة على العلاقة بين الأخصائي النفسي والأشخاص ذوي الفئات الخاصة أثناء التطبيق:
إن الأخصائي النفسي يتعامل مع شريحة لها خصوصيتها ، وهذه الخصوصية ناتجة من الحالة التي عليها لذا يتطلب
منه التحمل ، والصبر فمثلاً، الاختبارات الشفوية عند تطبيقها على الذين لديهم عيوب النطق يواجه الأخصائي النفسي
تردد هذه الشريحة على الإجابة على هذا النوع ، وكذلك الحال عند تطبيق الاختبارات الكتابية لأشخاص من المعاقين
في الأطراف العليا .. وتبقى مسؤولية الأخصائي النفسي في اختيار الاختبار وكيفية إقامة علاقة إنسانية مع المعـــاق تتسم
بالاطمئنان والثقة والقبول المتبادل وليس هناك قاعدة ذهبيــة محددة لإقامة نـوع العلاقــة ، ولكن بصفة عامـــــة إن
الأخصائي إذا اســـتطاع جعل الأفراد يألفونه ، وهــو الذي يستطيع إن يجعل الآخرين أكثر ثقة واطمئنان ، يكون قادراً على إيجاد
وسائل تساعده على إنشاء تلك العلاقة بشكل سليم . وهناك مؤشرات ينبغي أن يستدل عليها الأخصائي النفسي .. إن
من يطبق عليه الاختــــبار قد لا يتجاوب أثناء إلقاء التعليمات ، أو قلة دافعيته أثناء الأداء أو عدم الاستـــمرار في الإجابة وقد يظهر
ذلك في تعبيرات الوجه ، وهذا يدل أن الوقت يمضي دون فائدة .. وعلى الأخصائي أن يوحي لمن يطبق عليه الاختبار
ويؤكــــــد له في صمت اهتمامه بكل ما يقول من خلال الإيماءات والتي تمثل تفاعل غير لفظي معه .
3 – اختيار الاختبار الملائم للمعاق :
من الممارسات الخاطئة أن يعطي الأخصائي النفسي للمعاق اختباراً مصمما ً للأشخاص الاعتياديين لذلك
لابد من قراءة تعلـيمات الاختـبار والتعرف على إمكانـية تطبيـقه على ذوي الاحتياجــات الخاصة لأن معظـم الاختبـارات
التي تم إعدادها مصممة للاعتياديـين إلا أن إمكانــية تكييفـها لذوي الاحتياجـات الخاصـة ممكنة حسـب طبيـعة الإعاقة فمثلاً
يستعاض عن الأسـئلة المكتوبة بالإشارات ، أو التمثيل لضعاف السمع ، أو تقرأ للمكفوفين أو ضعيفي البصر .
إن مهمة الأخصائي تشبه إلى حد ما مهمة الطبيب حينما يقوم بقياس درجة الحرارة للمريض أو قياس الضغط فإن أي
خطأ في عملية القياس ينعكس سلبيا ً على الحالة المُقاسة . ومن المعلوم في القياس النفسي أن حصول
المفحوص على درجة غير دقيقة تعد أسوأ من ترك المعاق بدون قياس لما يعانيه .. وتبقى مسؤولية الأخصائي النفسي
في اختيار الاختبار الملائم في الوقت المناسب .
ولكن بعض الاختبارات أعدت في بيئات أجنبية خاصة اللفظية ، وهنا ينبغي التعامل مع تلك الاختبارات بشيء من الحذر
وينبغي عدم أخذ الاختبارات الأجنبية اللفظية كما هي بل لابد من استخراج معايير عربية تنسجم مع تقاليد مجتمعاتنا
العربية بل أكثر من ذلك لابد من التعامل مع خصوصية كل بلد من البلدان العربية في نوع المفردات السائدة . أما الاختبارات
الأدائية فالقسم الأكبر منها تعد متحررة ثقافياً أي يمكن تطبيقها في البلاد العربية بحذر أقل .
4 – طريقة تقديم الاختبار:
أ – ظروف تطبيق الاختبار:
إن تطبيق الاختبار لابد أن يتم في ظروف مناسبة من خلال تحديد مكان وزمان التطبيق ومن هذه الظروف التهوية والإضاءة .
إما ما يخص ظروف المعاق فينبغي مراعاتها من الناحية الجسمية والنفسية ولابد من إعطائها قدرا ً من الاهتمام لأن
التطبيق في ظروف غير طبيعية سينعكس سلباً على موقف الاختبار ولكن هذا للشرط غير مطلق بل في حالات نحتاج
إلى تطبيق الاختبار في ظروف غير طبيعية مثل السلوك وعلاقته بالانفعال في هذه الحالة نحتاج إلى موقف انفعالي
مصطنع لا يعرفه المعاق لكي نكشف كيف هي ردود أفعاله .
ب – التطبيق الجماعي :
إن اغلب الاختبارات التي يطبقها الأخصائي النفسي هي تطبيقات فردية ولكن في بعض الحالات يتم فيها التطبيق
الجماعي فمثلا ً يمكن إن نطبق الاختـبار جماعيا ً على مجموعة من المعاقين حركيــــا ً يستطيعون القراءة والكتابة إذا كانوا
يستطيعون استخدام إحدى اليدين في الكتابــة ، وهنا على الأخصائي النفسي أن يقوم بضبط المجموعة و أدارتها بطريقة
تمكنه من أداء التطبيق بالشكل الصحيح ويتطلب منه الوضوح والبساطة في عرض التعليمات وأن يلتزم بالهدوء والتأني في
ذلك العرض لتجنب سوء الفهم في تلك التعليمـات ، ومن الممكن أن يلجا إلى إعطاء أمثلـة و إشـارات بهدف وصول التعليمـــات
أما إذا كانــــت تعليمات الاختبار لا تسمح بذلك فهنا يكتفي بتوزيع الاختبار وطلب منهم قراءته والإجابة عنه .
ج- التطبيق الفردي:
إن من مهام الأخصائي النفسي تطبيق الاختبارات بغية دراسة حالة المعاق ويمارس التطبيق الفردي في الاختبارات الإسقاطية على الأغلب فينبغي إعطاء المعاق التعليمات كما وردت في الاختبار دون زيادة أونقصان مع مراعاة حالته عند التطبيق.
د- استثارة دوافع المعاق لإبداء موافقته على التطبيق:
إن ظروف المعاق حتما ً تختلف إذ أحيانا ً لايرغب المعاق إن يُطبق الاختبار عليه ، في هذه الحالة لابد للأخصائي النفسي قبل بدء التطبيق إن يشرح له أهمية إجراء الاختبار بهدف تقديم أفضل الخدمات النفسية له وبأسلوب مقنع مع إخباره أن نتائج الاختبار لايطلع عليها شخص غير الأخصائي النفسي . وينبغي الانتباه إلى أنه من الممكن أحياناً في الاختبارات النفسية أن تكون استجابة المعاق غير واقعية فهو إما أن يعطي صورة مثالية عن نفسه ، أو بالعكس يعطي صور ة متدنية ، لذلك عولجـت هذه المشكلة بأن يكرر في الاختبار عدد من الفقرات بغية الكشف عن المرغوبية الاجتماعية أو الكشف عن دقة المستجيب بأنه يجيب عن الاختبار بدقة لأن اغلب الاختبارات اللفظية تعتمد على التقرير الذاتي . وقد اقترح قسم من علماء النفس استخدام نوع من المكافآت لرفع مستوى الأداء في الاختبارات المعرفية وبالتحديد في اختبارات القدرة مثل الجوائز والهدايا والتشجيع اللفظي مثل ممتاز ، أحسنت وغيرها .. ونتوقع نظرياً أن تجعل المعاق أفضل في الاستجابة ولكن لم يثبت عملياً ذلك الأثر على تحسن الأداء .. ولكنه يزيد من محاولة المعاق في الاستمرار في الإجابة وعدم الضجر .
5 – تصحيح الاختبار وتحديد الدرجة وفق المعايير :
ينبغي من الأخصائي النفسي الاطلاع على كيفية التصحيح و استخدام المفتاح الخاص بالاختبار المرفق غالباً مع الاختبار ووضع الدرجات وفق ما ورد في الاختبار . وبعض الاختبارات مزودة بمعايير أي أنه جرى تطبيقه على عينات كبيرة ومن ثم إجراء عملية التقنيين له ، مثل مقياس السلوك التكيفي للرابطة الأمريكية للتخلف العقلي إذ طبُق على ( 4000) فردا ً بينما طبق اختبار أو تنس – لينون للقدرة المدرسة طبُق على( 130000) تلميذ . ولاستخراج المعايير يجرى تحويل الدرجات الخام إلى درجات معيارية أو درجات تائية أو رتب مئينية وذلك لتوزيع الدرجات على المنحنى الاعتدالي . ويجوز تزويد المعاق بنتائج الاختبار في حدود عدم الإضرار بحالته النفسية ولكن يجب أخذ الحذر في تفسير النتائج . وبالرغم من مظاهر الآثــــار السلبية التي تتــركها الاختبــارات أحياناً فإن الواقع يشـير إلى أنه لا غنى عن الاختبارات كأدوات قياس في تقويم الحالة النفسية والمعرفية للفرد .
إن الاهتمام بتطوير الاختبارات ذات خصائص جيدة تتجاوز الآثار النفسية والاجتماعية يتطلب بذل جهود من المختصين في تجاوز هذه السلبيــات والتأكيــد على أخلاقيــات القــياس النفـسي في تطبيق الاختبارات هي مسؤولية مشتركة للمختصين والمهتمين والمستخدمين لتك الاختبارات …
مهداة الى جميع ذوي الاحتياجات الخاصة