بيت لحم
بيت لحم
الموقع والتسمية :
تقع مدينة بيت لحم بين مدينتي الخليل والقدس عند التقاء دائرة عرض 31.42ْ شمالاً وخط طول ْ35.12 شرقاً، وتمتد على هضبتين يصل أعلاها إلى 750م فوق مستوى سطح البحر، وهي جزء من الجبال والهضاب الوسطى في فلسطين التي تنتشر موازية لغور الأردن والبحر الميت.
وتشير رسائل تل العمارنة إلى أن اسم بيت
لحم يرجع إلى اسم مدينة جنوب القدس عرفت باسم بيت ايلو لاهاما أي بيت الإله لاهاما أو لاخاما، وهو إله القوت والطعام عند الكنعانيين، وكانت تعني عند الآراميين بيت الخبز، ومن هنا جاءت التسمية، ولبيت لحم أيضاً اسما قديما هو أفرات أو أفراته وهي كلمة آرامية تعني الخصيب والثمار.
بيت لحم عبر التاريخ :
مدينة بيت لحم مدينة كنعانية قديمة سكنها الكنعانيون حوالي سنة2017 قبل الميلاد، ثم توالت عليها مجموعات من القبائل مختلفة في معتقداتها الروحية، وكانت غالباً في حالة من الصراع والتناحر فيما بينها، ومن بين هذه القبائل القبائل اليهودية الكنعانية، وهي قبائل لا تربطها بالصهيونية الحالية أي روابط تاريخية أو عقائدية، لأن مسألة الشعوب والأمم جاءت في حقب متأخرة من مراحل التاريخ البشري بعد أن أقيمت الدول ورسمت الحدود وتطورت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ولقد مر بالمدينة يعقوب عليه السلام.
وقام بدفن زوجته التي توفيت هناك ويعتقد أن قبرها موجود عند منطقة قبر راحيل، ولد فيها النبي داود واستخدمها النبي سليمان مصيفاً له.
وقد نالت بيت لحم شهرتها العالمية بعد ميلاد المسيح.
في القرن الحادي عشر قبل الميلاد تمكن الفلسطينيون من دخول المدينة بعد أن قتلوا شاوؤل، ثم تمكن داود عليه السلام من استرداد المدينة، وتولى بعده الحكم ابنه رحب عام الذي حوصر في المدينة عام 937 ق.م، ثم بعد ذلك دخلت بيت لحم تحت الحكم الروماني، حيث بنى فيها الحاكم الروماني هيرودوس قلعة يلجأ إليها زمن الحرب ثم بنى فيها الإمبراطور الروماني عام 103 م معبداً للإله ادونيس فوق كهف السيد المسيح، ويقال أن هذا الإمبراطور قد اعتنق المسيحية سراً، وخشي على الكهف أن يندثر قبل أن تنتشر الديانة المسيحية، وفي عام 314 م أمر الإمبراطور الروماني قسطنطين بحرية العبادة والأديان.
وفي عام 330 م قامت الإمبراطورة هيلانة ببناء كنيسة المهد في بيت لحم وكنيسة القيامة في القدس، ثم تعرضت كنيسة المهد للهدم على يد السومريين، فجاء الإمبراطور جوستينان الأول وقام ببناء الكنسية من جديد، كما بنى سوراً حول المدينة وبقي هذا السور موجوداً حتى عام 1448م، حيث أمر السلطان المملوكي بهدمه، أما الكنيسة فباقيه إلى اليوم.
تعرضت المدينة إلى الغزو الفارسي عام 614م، ولم يهدموا الكنيسة لوجود صورة للمجوس وهم ساجدون أمام السيد المسيح على لوحة من الفسيفاء.
في سنة 648م دخلت المدنية تحت الحكم الإسلامي، وزارها الخليفة عمر بن الخطاب وصلى داخل كنيسة المهد، وكتب سجلاً للبطريرك صفرونيوس بأن لا يصلى في هذا الموضع من المسلمين إلا رجلاً بعد رجل، ولا يجمع فيها صلاة ولا يؤذن فيها ولا يغير فيها شئ.
وعاش أبناء الديانتين المسيحية والإسلامية في هذه المدينة بروح من الإخاء والتعاون وتمارس كل فيهما شعائرها الدينية ونشاطاتها الاقتصادية الاجتماعية على الرغم من أن المدينة تعرضت لفترات من المد والجزر حسب الحكم القائم، ومن أكثر العهود ازدهاراً بالنسبة لبيت لحم هو زمن هارون الرشيد 786-809م والدولة الفاطمية 952-1094م، حيث راجت التجارة وتيسرت الحرية والأمن ورممت الكنائس وأماكن العبادة.
في 6/6/1099 دخلت المدينة تحت الحكم الصليبي بعد أن دخلها الجيش الصليبي بقيادة تنكرد فدمر المدينة واحرقها ولم يتبق منها إلا كنيسة المهد، وقد دام الحكم الصليبي لبيت لحم حتى عام 1187 حيث عادت بيت لحم لاصحابها بعد انتصار المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي على الصليبين في معركة حطين.
وفي عام 1229 عادت مدينة بيت لحم لحكم الصليبين بموجب الاتفاقية التي وقعت بين ممثلي الخليفة الكامل فخر الدين وأمير أربيل صلاح الدين وممثلي الإمبراطور فريدريك.
وفي عام 1244 تمكن المسلمون بقيادة نجم الدين من استعادة المدينة بشكل نهائي، قام بعدها الظاهر بيبرس بدخول المدينة عام 1263 ودمرا أبراجها وهدم أسوارها، وفي عام 1517 دخلت المدينة تحت الحكم العثماني، وبعد تطور وسائل النقل والمواصلات تحولت المدينة إلى مركز جذب هام للحجاج القادمين من أوروبا وانعكست أثاره على الأوضاع في المدينة وازدهرت صناعة الصوف والخزف وغيرها إلا أن سوء الأوضاع الاقتصادية دفع بالكثير من أبناء المدينة إلى الهجرة خارجها.
وفي عام 1917 دخلت بيت لحم مع باقي مدن فلسطين تحت النفوذ البريطاني بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى واتخذها الإنجليز مركزاً لضرب الثوار الفلسطينيين الذين قاوموا الاحتلال الإنجليزي والعصابات الصهيونية.
في 27/3/1948 نشبت في موقع الدهيشه ببيت لحم معركة كبيرة بين الثوار الفلسطينيين والمستوطنين الصهانية الذين كانوا يتكونون من 250 عسكرياً و 54 سيارة تدعمهم 4 مصفحات، وتمكن الثوار الفلسطينيون من التغلب عليهم وأجبروهم على الاستسلام، وفي أعقاب حرب عام 1948 وأجبار أكثر من مليون فلسطيني على الهجرة من ديارهم، لجأ إلى المدينة قرابة الخمسة ألاف استقروا في ثلاثة مخيمات هي: الدهيشه وعايدة والعزة وفي عام 1949 دخلت بيت لحم تحت الحكم الإداري بعد توقيع اتفاقية الهدنة لعام 1949، واستمرت كذلك حتى عام 1967 عندما وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي.
السكان والنشاط الاقتصادي:
بلغ عدد السكان مدينة بيت لحم 6658 نسمة حسب إحصاء عام 1922، ارتفع إلى 7320 حسب إحصاء عام 1931 وقدر عدد السكان بـ 9780 نسمة عام 1948 ارتفع إلى 14860 نسمة عام 1949 بعد لجوء أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين إليها وأخذ سكان المدينة في التزايد فيما بعد ، ثم تعرض سكان المدينة إلى الانخفاض عام 1967.
وقد مارس السكان العديد من الأنشطة الزراعية والصناعية والسياحة
النشاط الثقافي :
نالت بيت لحم قسطاً وافراً من التعليم منذ زمن بعيد أقيمت أولى المدارس فيها منذ أكثر من 200عام وذلك بسبب الطابع الديني الغالب على المدينة ووجود إرساليات وأديرة قامت الكثير من المدارس الخاصة منذ زمن بعيد، وتطور التعليم حيث وصل عدد المدارس عام 1978 إلى 31 مدرسة يدرس فيها 8300 طالب.
كما أقيمت في المدينة جامعة بيت لحم لتضم عدداً من الكليات لتعليم العلوم والأداب والتمريض والمعلمين والفنادق.
معالم المدينة :
مازالت المدينة القديمة ماثلة الآن للعيان، وهي ذات الأبنية القديمة المبنية من الحجر الكلس والأبواب والنوافذ ذات الأقواس، والمباني فيها ملتصقة بعضها، وهي مقسمة إلى حارات، كل حارة تشكل كتلة ملتصقة لكي يسهل الدفاع عنها ثم غزت المباني الحديثة المدينة.
ومن أبرز معالم المدينة :
1. كنيسة المهد التي أنشأتها الإمبراطورة هيلانة عام 335م ودمرت عام 529م على يد السومريين ثم أعيد بناؤها على يد الإمبراطور جوستينيان الأول لتبقى إلى يومنا هذا وهي مقسمة إلى ثلاثة أقسام صدر الكنيسة والقسم الأمامي ومغارة المهد.
2. كنيسة القديسة كاترينا أقيمت في القرن الثاني عشر وتم توسيعها عدة مرات ويقام فيها الاحتفالات السنوية بعيد الميلاد.
3. دير القديس ثيوذوسيوس شرق بيت ساحور وأقيم عام 476م .
4. جامعة بيت لحم.
5. قبر راحيل.