بحث عن اليوم العالمي للمعلم
ويسعدني أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى وزارة التربية والتعليم وإدارات التربية التعليم في مناطق المملكة العربية السعودية ومحافظاتها كافة على احتفائهم بالمعلم من خلال ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم، وعلى احتفائهم بالمعلم دائماً من خلال تقديم كل ما يحتاجه كل معلم مخلص من دعم مادي ومعنوي وتطويري، ويظهر ذلك جلياً في إرسال خطاباتِ وشهاداتِ التقدير والشكر، ومن خلال الزيارات الميدانية للمشرفين لهم لنقل الخِبَرات إليهم، ويظهر ذلك _أيضاً _ في البرامج التدريبية للمعلمين، وغيرِ ذلك مما لو أسهبت في ذكره وتعداده لاستنفدت وقتاً طويلاً.
وإننا _نحن المعلمين_ إذ نشكر الوزارة وإدارات التربية التعليم لنؤكد أننا عماد هذا الصرح، وأن علينا الالتزامَ بتلك الأخلاقيات التي تضمنها الميثاق، ونؤكد أن الاحتفاء بالمعلم من خلال يوم عالمي يهدف إلى التأكيد على أهمية رسالة التعليم ودورها في صنع المستقبل وتحفيزه إلى تمثل قيم المهنة وأخلاقها سلوكاً له في حياته.
وإننا –نحن المعلمين- لمدركون لرسالة التربية التعليم التي تستمد أخلاقياتها من هدي الشريعة الإسلامية التي تنطلق منها مبادئ حضارتنا، والمعلم حين يدرك هذا يستشعر عظمة رسالته ويعتز بها، وهذا ما يدعوه إلى الحرص على نقاء سيرته، وطهارةِ سريرته؛ ليحفظ للمهنة شرفَها، فهو بذلك مثال للمسلم المعتز بدينه المتأسي برسوله _ صلى الله عليه وسلم_ وإدراكه لهذا يملي عليه أن الاستقامة والصدق والقوة والأمانة والحِلم والحزم والانضباط والتسامح وحسن المظهر وبشاشة الوجه سماتٌ رئيسة في تكوين شخصيته.
فالاستقامة والأمانة تمليان عليه أن الرقيب الحقيقي على سلوكه – بعد الله تعالى- هو ضميره اليقظ وحسه الناقد اللذان لا ترقى إلى مستواهما أي رقابة خارجية مهما تنوعت أساليبها، فهو يسعى إلى بث الشعور بالرقابة الذاتية بين طلابه ومجتمعه؛ ليحقق بذلك مفهوماً راسخاً للمواطنة لدى الطلاب والمجتمع عامة، ومبدأً راسخاً للاعتدال والتسامح والتعايش في معزل عن الغلو والتطرف، وحينها تصبح لُحْمة العلاقة بين المعلم وطلابه، هي الرغبة في نفعهم والشفقة عليهم، ويصبح أساسها المودة؛ لأنه –كما أسلفت- قدوة لطلابه خاصة ومجتمعه عامة؛ ولهذا فهو يحرص على أن يكون أثره في الناس محموداً وباقيا، وهذا يتأتى من حرصه على طلابه وبذله الجهد في تعليمهم وتربيتهم وتوجيههم، وعدله بين طلابه في كل شيء؛ لأنه يعي أن صفة الصدق والأمانة تتطلب هذا منه، كما تتطلب منه صفة التسامح والرفق أن يعي أن الطالب ينفر من المدرسة التي يستخدم فيها العقاب البدني.
ولكي يكون المعلم فاعلا في مجتمعه فإنه يعزز في نفوس طلابه الإحساس بالانتماء لدينهم ثم لولاة أمرهم ووطنهم، وينمي فيهم ضرورة التفاعل الإيجابي مع الثقافات الأخرى، لأنه يعرف أنه موضع ثقة وتقدير المجتمع فهو حريص على أن يكون في مستوى تلك الثقة، فالآمال تعلق عليه في طلب التقدم المعرفي والارتقاء العلمي.
والمعلم شريك الوالدين في التربية والتنشئة وعليه أن يوطد علاقة المدرسة والبيت ويتشاور مع الأسرة في كل ما يهم مستقبل ابنها.
وإن كل ما سبق يَسهُل على المعلم تحقيقه بتحقيق الثقة المتبادلة والعمل بروح الفريق الواحد مع زملائه المعلمين ومع الإدارة التربوية واحترامِه قواعد السلوك الوظيفي والتزامِه بالأنظمة والتعليمات.
وإن كان شيء من هذه الأخلاقيات يجدر بنا أن نعيد التذكير لأنفسنا به فهو ينحصر في النقاط الآتية:
أولاً: أن مهنة التعليم رسالة وليست وظيفة، وهذا يدعونا إلى التأكيد على مسألة الاحتساب.
ثانياً: أن المعلم قدوة لطلابه، ويساعد المعلمَ على تمثل هذا الخلق أن يتذكر أن الأبناء أفلاذ أكبادنا، وهذه مسؤولية عُظمى إذا استشعرها المعلم فإنه سيتمثل الأخلاق التي يسره أن يوصف بها.
ثالثاً: الأمانة، ومنها ينبعث الإحساس بالرقيب الذاتي.
وإذ يبذل المعلم كلَّ ما يسعه بذلُه فعلى الطالب –أيضاً- أن يعي أنه رقم أساس في هذه المعادلة، وعليه أن يستثمر ويستفيد من اتصاله بمعلمه ويسخر كل ما منحه الله من طاقة لتأمين مستقبله الذي هو جزء من مستقبل الأمة التي تعول عليه في القادم أشياء كثيرةً، ومن النكران للمعلم وللوطن أن تضيع الجهود سدى.
مرة أخرى أتقدم أصالة عن نفسي ونيابة عن زملائي المعلمين وأبنائنا الطلاب بجزيل الشكر إلى حكومتنا الرشيدة وإلى وزارة التربية والتعليم وإدارات التربية والتعليم لمساهمتهم في شد أزر المعلم ورفع مستوى همته باحتفائهم به من خلال ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.