التصنيفات
البيت الإسلامي

من حقي… وليس من حقي… الجزء الثاني – الشريعة الاسلامية

من حقي… وليس من حقي… الجزء الثاني

بسم الله
"من حقي… وليس من حقي…"
الجزء الثاني
إنشاء عبد الحميد رميته , من الجزائر
17- من حقي أن لا أقرأ إلا من كتاب ديني أو إسلامي أو لا أقرأ إلا لكتاب مسلمين في المسائل التي لها صلة بالعلوم الإنسانية كالفلسفة وعلم النفس والاقتصاد وعلم الاجتماع وعلم التربية والسياسة و…لأنها علوم لها جنسيتها بخلاف العلوم الكونية التي لا جنسية لها. ولكن ليس من حقي أن أمنع غيري من أن يقرأ هذه العلوم الإنسانية حتى لعلماء أو مفكرين أو ..غير مسلمين , مادام يمتلك الحد الأدنى من الثفافة الإسلامية,الذي يسمح له أن يعرف ما يأخذه من هذه الكتب وما لا يأخذ ويعرف ما يأخذه من هؤلاء الكتاب وما يدعه. قلت: مادام يمتلك الحد الأدنى من الثفافة الإسلامية الذي يجعله يعرف ما يتناقض مع أصول الدين في العقيدة أو في العبادات أو في المعاملات فيرده ردا مؤكدا,ومالا يتناقض لا مع الأصول ولا مع الفروع فيأخذ منه ما يقتنع به وما يطمئن إليه وما يراه مناسبا ومكملا للثقافة الإسلامية وللفكر الإسلامي لا مناقض لهما.
18- من حقي أن أحرص على أن أتخصص في حياتي العلمية الأكاديمية في دراسة العلوم الشرعية , ولكن ليس من حقي أبدا أن أمنع أي مسلم من التخصص في أي مجال من مجالات العلوم الكونية كالفيزياء والرياضيات والطب والتاريخ والجغرافيا واللغات والكيمياء والصيدلة والهندسة و…, وذلك لأن الدين طلب دراسة العلوم الشرعية ولم يمنع من دراسة العلوم الكونية , بل إنه دعا المسلمين إلى أن يتخصصوا في جميع المجالات العلمية وفي جميع التخصصات الكونية التي فيها نفع للمسلم وللمجتمع الإسلامي وفيها تقوية لهما, وجعل ذلك على مستوى المجتمع فرضا كفائيا إن أداه البعض سقط الإثم عن سائر المجتمع وإلا وقع الإثم على الجميع.
19- من حقي أن لا أقرأ لعلماء معينين لأنني لا أطمئن إلى البعض من أقوالهم مثل محمد سعيد رمضان البوطي ويوسف القرضاوي وسيد قطب وعلي الجفري وعبد الحميد كشك وعائض القرني وسلمان فهد العودة وغيرهم…ولكن ليس من حقي أبدا أن أمنع غيري من القراءة لهم والاستفادة مما كتبوا والعمل بآرائهم في الدين , لأنهم علماء أو دعاة حسناتهم أكبر بكثير من سيئاتهم , ولأنهم اجتهدوا في الدين أو في الدعوة , وهم في كل الأحوال مأجورون بإذن الله : أصابوا فلهم أجران,أو أخطأوا فلهم أجر واحد.والصواب يعلمه الله وحده , ولا أحد في الدنيا يملك الدليل القطعي على أن فلانا من العلماء أو من الدعاة هو المصيب في المسألة الخلافية الفرعية الثانوية الفلانية وأن فلانا هو المخطئ.لا أحد ثم لا أحد ثم لا أحد, ومن ادعى ذلك فإنه يقدم بذلك الدليل لا على صحة ما يقول, وإنما على أنه متزمت متطرف.
20- من حقي أن لا أقرأ لدعاة معينين أو أسمع منهم لأنني لا أطمئن إلى البعض من أفعالهم التي أرى أنها تسيء إليهم وإلى الدين مثل عمرو خالد وحسن البنا وطارق سويدان وغيرهم…ولكن ليس من حقي أبدا أن أمنع غيري من القراءة لهم أو السماع منهم أو الاستفادة مما كتبوا أو قالوا أو من العمل بآرائهم في الدين (انطلاقا مما قال علماء لا من عندياتهم) أو في الدعوة إلى الله , لأنهم دعاة حسناتهم أكبر بكثير بإذن الله من سيئاتهم , ولأنهم اجتهدوا في الدعوة , وهم في كل الأحوال مأجورون بإذن الله أصابوا(لهم أجران) أو أخطأوا (لهم أجر واحد).والصواب يعلمه الله وحده , ولا أحد في الدنيا يملك الدليل القطعي على أن فلانا من الدعاة هو المصيب في المسألة الخلافية الفرعية الثانوية الفلانية وأن فلانا هو المخطئ.لا أحد ثم لا أحد ثم لا أحد, ومن ادعى ذلك فإنه يقدم بذلك الدليل لا على صحة ما يقول, وإنما على أنه متعصب من الدرجة الأولى.
21- من حقي الاعتزاز بجماعتي أو حزبي أو تنظيمي (الإسلامي) أو… الذي أعمل من خلاله لخدمة الإسلام والمسلمين ثم خدمة جماعتي أو حزبي أو تنظيمي, سواء كان حزبي سياسيا أو جهاديا أو تعبديا أو تربويا أو ثقافيا أو… ولكن ليس من حقي أبدا أن أعتبر جماعتي أو حزبي أو تنظيمي هو "الجماعة الإسلامية", لأن هذا ليس صحيحا أبدا, ولأن الجماعة الإسلامية تشمل الجميع بإذن الله وزيادة.إنها تشمل الجميع وتشمل معهم الحكام والمحكومين, والدعاة والمسلمين العاديين, والمنتظمين في أحزاب وتنظيمات وجماعات وغير المنتظمين, والسياسيين والجهاديين, والذكور والإناث , والمثقفين والأميين, والأفراد والجماعات و…مادام هذا الجميع وزيادة يؤمن بالإسلام عموما ويعتقد بعقيدة أهل السنة والجماعة.
22- من حقي أن أعتبر أن السلفية في العقيدة هي الأصوب ضمن الفرقة الناجية (من ال 73 فرقة التي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كلها في النار إلا واحدة) ومن حقي أن أعتقد بهذه العقيدة وأتمسك بها وأعتز بها وأعلمها لكل من أحب من الناس وضمن أكبر دائرة في المجتمع ممكنة.ولكن ليس من حقي أبدا أن أعتبر أن السلفية هي كل أهل السنة والجماعة وأن كل من عداها في النار, أي أنه ليس من حقي أن أمنع غيري من الاعتقاد بأن أهل السنة والجماعة كما تشمل السلفيين فإنها تشمل كذلك الأشاعرة والماتريدين,لأنه وإن وجد علماء يقولون بأن أهل السنة والجماعة هم فقط السلفية فإنه يوجد علماء آخرون كانوا ومازالوا وسيبقون – إلى يوم القيامة بإذن الله- يقولون على مر السنين بأن أهل السنة والجماعة تشمل كذلك الأشاعرة والماتريدية لأن الخلاف بين الجماعات الثلاثة بسيط جدا وهو فقط متعلق بفروع العقيدة لا بأصولها وبمسائل فرعية جدا وبسيطة جدا وثانوية جدا.الذي يقود الجماعات الثلاثة علماء في العقيدة حسناتهم أكبر بكثير من سيئاتهم , وهم اجتهدوا في فروع العقيدة الإسلامية , وهم جميعا وفي كل الأحوال مأجورون بإذن الله أصابوا(لهم أجران) أو أخطأوا (لهم أجر واحد). والصواب يعلمه الله وحده , ولا أحد في الدنيا يملك الدليل القطعي على أن فلانا من هؤلاء العلماء هو المصيب في المسألة الخلافية الفرعية الثانوية الفلانية وأن فلانا هو المخطئ.لا أحد ثم لا أحد ثم لا أحد, ومن ادعى ذلك فإنه لن يقدم دليلا أو شبه دليل على صحة دعواه.
23- من حقي أن أعتز بآراء وأفكار معينة في الدين (فروع لا أصول) : عقيدة أو عبادات أو معاملات أو… ولكن ليس من حقي أن أسب الغير أو أشتمه من أجل فرضها عليه , وذلك لأنه لا يجوز فرضها على الغير لأنها ليست أصولا للدين بل هي فروع له. ثم حتى عندما تكون أصولا فإنه لا يجوز أن تفرض على الغير بالسب والشتم بل بالإقناع عن طريق العلم الواسع والخلق الحسن.أما الذي يمكن أن يفرض فإنه الحاكم بضوابط فقهية وشرعية معينة معروفة في الفقه السياسي الإسلامي. وأما واجب الرجل التربوي اتجاه زوجته وأولاده فموضوع آخر مستقل وبعيد عن موضوع حديثنا هنا.
24- من حقي أن أعتز باتجاهي الفكري المعين [إخوان مسلمون, دعوة وتبليغ , الجماعة السلفية , جماعة التكفير والهجرة , جماعة التحرير, جماعة الجهاد , الصوفية (المستقيمة لا المنحرفة) , الخ…] سواء كنت منخرطا في جماعة أو تنظيم أو حزب أو كنت أؤمن بفكر الجماعة ولكن أعمل بهذا الفكر كفرد واحد,أي خارج الجماعة.ولكن ليس من حقي أبدا أن أعتبر فكري (الجماعي) هو الإسلام وأعتبر من خرج عن هذا الفكر خارجا عن دائرة الإسلام أي كافرا كفرا مخلدا لصاحبه-إن مات عليه-في النار.
25- من حقي في مجال الرقية أن لا أطمئن إلى مسألة إلا إذا كان لها دليل من الكتاب أو السنة (لأن أجرها عندئذ سيكون أعظم , وبركتها ستكون أكبر, ولأن قيمة الراقي عند الناس عندئذ ستزداد يوما بعد يوم).ولكن ليس من حقي أبدا أن أمنع نفسي أو غيري من الاستفادة من تجاربي أو من تجارب الآخرين – مادامت هذه التجارب لا تناقض أصلا من أصول الدين- لأن فيما عليه دليل من الكتاب والسنة خير, ولكن في التجارب خير كذلك بإذن الله.
26- من حقي أن أغضب إذا سب أحد من الناس الألباني أو بن باز أو العتيمين أو… ولكن ليس من حقي أبدا أن أمنع غيري من الغضب كذلك إذ سب أحد الناس القرضاوي أو البوطي أو سيد قطب أو حسن البنا أو…ولا يوجد دليل قطعي واحد أو نصف دليل قطعي في الشرع على أن هؤلاء لا يجوز أن يُسبوا وإذا سُب أحدهم وجب على المسلم أن يغضب , وأما الآخرون فيجوز أن يُسبوا , وإذا سُب أحدهم نصم آذاننا عن السماع أو نشارك الساب في سبه والطاعن في العلماء في طعنه.إن هذا التفريق بين علماء وعلماء لا يجوز أبدا في الدين, وهو سمة من سمات المتعصبين, لأن لحوم العلماء كل العلماء (وحتى الدعاة , بل وحتى المسلمين العاديين) مسمومة والعياذ بالله تعالى.
27- عودة مرة ثانية إلى مسألة سماع الموسيقى.لقد قلت من قبل:من حقي أن لا أسمع الموسيقى بكل أنواعها ومهما كانت مصاحبة لكلام نظيف,على اعتبار أنني أرى بأن هذا الرأي عند الفقهاء هو الأرجح , ولأنني أرى بأن سماع الموسيقى يقسي قلبي أنا.ولكن ليس من حقي أبدا أن أمنع الغير من السماع لموسيقى معينة مصاحبة لكلام نظيف على اعتبار أن هذا قول كذلك لبعض العلماء قديما ولكثير من العلماء المعاصرين.
ثم أضيف هنا : والله الذي لا إله إلا هو-أحلف مليون مرة , بل ما لا نهاية من المرات- لقد كانت ومازالت وستبقى مسألة سماع الموسيقى ( إذا كانت هادئة ومصاحبة لكلام نظيف بطبيعة الحال) محل خلاف بين الفقهاء:منهم من حرمها بإطلاق ومنهم من أجازها.ولكل أدلته القوية أو الضعيفة
, والمصيب له أجران والمخطئ له أجر واحد, أي أن الكل مأجور بإذن الله.والمصيب لا يعلمه إلا الله وحده.ونحن – عامة المسلمين غير المجتهدين- ما كلفنا الله سبحانه وتعالى أن لا نأخذ إلا ممن كان دليله أقوى بل فقط طلب منا أن لا نأخذ إلا من عالم"إسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".
العالم دليله الكتاب والسنة وأما نحن فدليلنا قول العالم ,ولن يسألني الله إذا سمعت أناشيد لسامي يوسف أو غيره(بموسيقى هادئة وكلام نظيف) , لن يسألني الله تعالى"لماذا أخذت بقول القرضاوي والغزالي وبن حزم وأبي حامد الغزالي و…رحمهم الله -أحياء وأمواتا-ولم تأخذ بقول الألباني وبن باز ومالك وبن تيمية و…رحمهم الله تعالى جميعا ؟!".لن يسألني الله أبدا بإذن الله هذا السؤال.يسألني الله فقط ويعاتبني ويعاقبني إذا أخذت ديني من جاهل أو إذا تتبعت السهل من أقوال الفقهاء في كل مسألة ,لأنني عندئذ أعتبر متبعا لهواي لا للدين والإسلام.
أنا أخي من حقي أن لا أسمع الموسيقى لأنني مطمئن لقول من قال بأنها حرام – وأنا مأجور بإذن الله- ولكن ليس من حقي أن أمنع غيري من السماع مادام هناك علماء قالوا بالجواز,بغض النظر عن قوة أو ضعف دليل الواحد منهم.المهم أنهم علماء , وهم جميعا بإذن الله ورثة الأنبياء .
ومن حقي أن أقول بأن سماع الموسيقى يقسي عندي القلب , ولكن من حق غيري هو بدوره أن يقول لي كذلك بأن إيمانه يزداد ومعنوياته ترتفع عندما يسمع أناشيد إسلامية مثل أناشيد سامي يوسف أو غيره من أصحاب الغناء النظيف الطيب المبارك , طبعا بدون أن يبالغ في السماع وبدون أن يلهيه السماع عن أداء واجب أو يجره السماع إلى فعل حرام.
يا ليتنا – إخواننا الكرام- نوسع صدورنا في المسائل الخلافية ولا نتشدد إلا في المسائل الأصولية. يا ليتنا نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه.يا ليتنا نوجه سهامنا إلى أعداء الدين الذين يحاربون الإسلام بالليل والنهار ونحن غافلون,عوض أن نوجه سهامنا لبعضنا البعض.
إن المسألة الخلافية تبقى خلافية إلى يوم القيامة, شئنا أم أبينا, والله أرادها أن تبقى خلافية,وذلك للتيسير على الناس,وليجد المتشدد نفسه معها وهو مسلم,وليجد المتساهل نفسه معها وهو مسلم كذلك ,وليبقى الإسلام صالحا لكل زمان ومكان.إن سماع الموسيقى مسألة خلافية منذ 14 قرنا ولن أرجعها أنا (الذي أقول بأن سماع أناشيد سامي يوسف حرام) لن أرجعها إتفاقية وأصولية مهما حاولتُ , والأفضل لي أن لا أتعب نفسي مهما كانت نيتي الطيبة.ولو أراد الله لها أن تكون أصولية لجعل أدلتها قطعية لا ظنية , ولمنع علماء الإسلام أن يختلفوا فيها حتى لا يبقى الناس في حيرة من أمرهم. وهذا الذي أقوله عن سماع الموسيقى يقال مثله عن آلاف المسائل الخلافية الفرعية في الدين: في العبادات والمعاملات وكذلك في العقيدة.
28- من حقي أن أتشدد مع نفسي في المسائل الفرعية الثانوية كمصافحة المرأة الأجنبية أو سماع الموسيقى أو إعفاء اللحية أو إسبال الثياب إلى ما تحت الكعبين أو جلسة الاستراحة أو…ولكن ليس من حقي أبدا أن أفرض الآراء التي اقتنعت بها على غيري من المسلمين , مادامت آراء غير متفق عليها بين العلماء.نعم قد أنصح الغير ليأخذ ويعمل ويقتنع بما أخذتُ أنا به واقتنعت أنا به, ولكن لا يجوز لي أن أفرضها بالقوة أو بالسب والشتم أو بمثل ذلك من الوسائل القهرية العنيفة.
29-من حقي أن لا آخذ بأقوال علماء معينين في مسائل خلافية (في الفقه أو العقيدة أو الحلال والحرام ) لأنني لم أطمئن إليها ورأيت بأنها مرجوحة كما رأيت أن غيرها من الأقوال أرجح وأن غير هؤلاء من العلماء أورع وأعلم وأقرب إلى روح السلف الصالح والموافقة لهم. ولكن ليس من حقي أبدا أن أنتقل من انتقاد القول إلى تجريح شخص القائل من العلماء.إن العالم مأجور في كل الأحوال وليس آثما في حال من الأحوال (في مجال اجتهاده),ومنه فلا يجوز أبدا ثم أبدا ثم أبدا أن يُجرح شخصه, بدعوى أنه أخطأ أو عصى!!!.أما إن أخطأ (مع أن الله أعلم أين الصواب) فالمخطئ مأجور في كل الأحوال لا مأزور, ولا يجوز أبدا أن يجرح شخصه , وأما إن قلنا "عصى" فهو في حقيقة الأمر لم يعص ولم يأثم ولم يسيئ ولم يعتدي وإنما هو فقط اجتهد فأصاب أو أخطأ.
وإلى اللقاء مع الجزء الثالث من هذه الرسالة المتواضعة في الأيام القليلة المقبلة بإذن الله.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.